هشام الخشن: قرأت كثيرا فى علم النفس من أجل «ناعومى وأخواتها»|حوار

هشام الخشن
هشام الخشن

حوار: محمد الشربيني شبانة

في روايته الجديدة «ناعومي وأخواتها» يخوض الكاتب هشام الخشن تجربة جديدة، مختلفة عن أعماله السابقة، حيث يقترب هذه المرة من مرض نفسي شديد الوطأة على المصابين به وهو «اضطراب الهوية التفارقي» الذي عانت منه بطلة العمل «نعيمة» وجعلها تتذكر أحداثا مؤلمة من طفولتها البعيدة، وذلك في إطار حبكة اجتماعية تحمل جوا نفسيا بوليسيا ممتعا.

حول الأسباب التي دفعته للاقتراب من تلك المنطقة، التي تتطلب حذرا في التعامل معها أدبيا، والمعلومات العلمية الدقيقة التي استند إليها، والنهاية المفاجئة للرواية، كان لنا معه هذا الحوار.

اقرأ أيضاً| «الزراع» عضوًا بمجلس كرسي الألكسو لخدمة الطفولة

كل رواياتك تحمل طابع التشويق.. هل تتعمّد ذلك كنوع من اجتذاب القارئ؟

هدف أى روائى حين يبدأ سرده أن يستحوذ على اهتمام قارئه، ويشدّه إلى ما يحكى، لذلك أرى أن التشويق عنصر أساسى فيما نكتب، وبالتالى أمر طبيعى أن يكون من مكونات الرواية الجيدة.

 لماذا اخترت أن تكون روايتك الجديدة «ناعومى وأخواتها» عن المرض النفسى تحديدا؟

من خلال قراءاتى شدّنى موضوع المرض النفسى الذى اخترت أن تعانى منه بطلة روايتى ناعومى وأخواتها». قرأت كثيرا فى «علم النفس» عموما، وفيما يخص «اضطراب الهوية التفارقى» بالذات، قبل أن أشرع فى الكتابة. عموما تفرض فكرة الرواية نفسها على كاتبها وليس العكس، فلا نختار موضوعا ثم نبدأ فى التفكير فى رواية تدور حوله.

دراما المرض النفسى روائيا وتلفزيونيا وسينمائيا شديدة التشابه.. ألم تخش من اتهامك باقتباس الفكرة؟

لا يؤرقنى مثل هذا الاتهام من الأساس، حيث أننى بالتأكيد لا أقتبس من أفلام أو روايات. الأساس أننى أستوحى من الواقع، لذلك انصبّ بحثى من أجل هذه الرواية على قراءة مكثفة لما كُتِب عن الموضوع فى دراسات «علم النفس»، بالإضافة إلى عدة سيَر ذاتية لمرضى عانوا من المرض قبل أن يُشفوا منه.

هل هذا ما دفعك لأن تذكُر فيلم «سيبيل» لتبرئ ساحتك؟

لا حاجة بى لتبرئة ساحتى مما لم آته. فيلم «سيبيل» ذُكر فى الرواية للتدليل أنه كانت هناك حالات تدليس، أو نصب، قام بها أفراد فى أزمنة سابقة. أظن أن العكس هو الأصح، فلو أنى رغبت الاقتباس وتورية ذلك، فلم أكن لأذكر هذا الفيلم. عموما الفيلم موجود لمن يرغب فى إخبارى عن أى أوجه تشابه بينه وبين الرواية، اللهم إلا أن البطلتان فى الفيلم والرواية تعانيان من نفس المرض. 

شخصية المرأة فى رواياتك قوية وقادرة على رد الفعل.. هل تستقيها من نماذج حقيقية تعرفها؟

المرأة دائما بها قوة وقدرة وجلَد. أمى، رحمها الله، وزوجتى وبناتى وكثيرات فى محيطى سيدات قويات وقادرات، والقوة والقدرة هنا أراهما صفات حميدة. كَون المجتمعات عبر التاريخ استضعفت أو قللت من مكانة المرأة لا يعنى أن ذلك هو الواقع، بل بالعكس أرى وأؤمن أن المرأة فى الحقيقة هى الوقود الدافع والشريان الدافق للحياة، حتى حين يخترن التوارى، قصرا أو باختيارهن خلف الرجل. بالتالى فإجابتى هى أننا محاطين بنساء قويّات، وحين نكتب روايات واقعية لابد وأن نستقى شخصياتها مما يحيط بنا.

انتقام «نعيمة» الناجح فى نهاية الرواية.. ألا ترى أنه سينمائى أكثر منه واقعى؟

وهل انتقمت نعيمة؟ فى الحقيقة لا يقلقنى سينمائية انتقامها من عدمه، بقدر ما كان شاغلى عرض فكرة وفلسفة الانتقام عند البشر. ستلاحظ أننى عرضت بعض الآراء لأمثال نيتشه فيما يخص هذا الموضوع على لسان الأبطال.

أحداث رواية «شلة ليبون» مصرية جدا قابلة للتصديق.. ما حدود الواقع والخيال فيما كتبت؟

أنا لا أنقل شخصيات كما هى من الواقع، وإلا أصبح لزاما عليّ أن أعلن للقارئ أنه ليس بصدد رواية، ولكن بصدد عمل وثائقي. شخصيات رواياتى من خيالى، وخيالى عبارة عن بوتقة يخلط فيها مشاهداتى الحياتية، فتلِد لى شخصيات روائية تتفاعل على صفحات رواياتي. 

ما آخر أخبار الفيلم السينمائى المأخوذ عنها؟

تأخر العمل بعض الشىء لأسباب إنتاجية، ولكن جارى العمل حاليا فى إنهاء السيناريو، وأتمنى أن يخرج للنور قريبا.

تدين فى أعمالك بالذات فى روايتك الأخيرة بعض العادات المجتمعية التى ترى أنها كارثية ولم يعد مقبولا أن تكون موجودة.. هل ترى أن هذا دور المثقف أو الروائى؟

الروائى يناقش على لسان أبطاله قضايا مجتمعه، إذا كانت الرواية اجتماعية، ولذلك فمن الطبيعى أن نبرز الصالح والطالح حولنا، وأن نستخدم أصوات أبطالنا، حين يسمح السياق، فى إدانة ما لا يجب أن يكون. لكن يجب الانتباه أن هناك خط فاصل ودقيق بين التنظير ومحاولات الإصلاح وبين الكتابة الروائية، لا يجب على الروائى تخطّى هذه الخطوط وإلا تحولت الرواية إلى خَطابة إصلاحية.

رغم جودة أعمالك أنت متهم بأن أفكار رواياتك كلها مكررة.. ما ردك؟

من يتهمنى هذا الاتهام لم يقرأ لى من الأساس. أنا لم أكرر فكرة فى رواية من رواياتي. كل رواية لى مختلفة فى سردها وأجوائها وطرق كتاباتها. هذا الاختلاف مقصود وأنا معنِى به، لأننى منذ بدأت الكتابة عاهدت نفسى أن أجدد، وأن لا أكرر، أو أحاول التكرار حتى لو أن رواية معينة حوت كل مكونات النجاح. أدعو من يظن ذلك أن يقرأ لى ويشير إلى التكرار الذى يدّعيه.

بعد أن أصبح لك جمهور عريض من القراء.. هل تضع فى حسبانك متطلبات هذا الجمهور أم تكتب ما يروق لك بشكل أساسى؟

بالتأكيد أنظر إلى قرائى على أنهم شركائى فى العملية الإبداعية، ولذلك طبعا يهمنى أن أكتب ما يثير إعجابهم، ولكن هذا لا يعنى ان أحاول أن أكتب ما يرضيهم، قالبا كان أو موضوعا. وجدت فى رحلتى مع الكتابة أننى حين أكتب ما يروق لى وأجوّد فيه، ينال رضا وتقدير قرائى وهذه هى الوصفة التى ألتزم بها.

هل تضع شروطا معينة لقبول تحويل أعمالك إلى مصنفات فنية؟

شرطان بسيطان جدا: أن يكون الراغب فى تحويل العمل جديا، وأن تكون سابقة أعماله على مستوى فنى متميز.

ما مشروعك الروائى القادم؟

لدى عدة أفكار مازالت فى طور البحث. أستطيع أن أقول أننى مازلت فى فترة استراحة المحارب بعد انتهائى من كتابة «ناعومى وأخواتها» التى أنهكتنى.